كتبت فاطمة الصيادي:
في وطن يسير بخطى ثابتة نحو جهنم التي وُعدوا بها، لم تشفع لهم أعمارهم الصغيرة عند سارقي سنين عمرهم، فحملوا هموما فوق همومهم، ينزلونها مساء جانبا على السرير ليحملوها منذ أن يستيقظوا لمواجهة العالم في اليوم التالي، أعتقد أن أغلب أبناء هذا الجيل لديهم الشعور ذاته، هذا الجيل الذي مر بأبشع مراحل تطورات الإنسان و شاهد رأي العين التاريخ الذي سيدرس لأبنائه يوما ما. شهد المجازر و الحروب و الثورات كذلك الإنقلابات و عاصر أصعب الظروف، فبين ثورة تكنولوجيا الآلات والمعلومات اللامنتهية، وبين استخدامها في قهر إرادتهم وحرية اختيار المستقبل لبلادهم، باتوا يحملون كرامتهم باحثين عن دائرة أمان صغيرة لها خارج الوطن، فربما أكرمتهم بلادٌ ولكنهم فيها كالضيف يملكون فقط حق الاقامة، وربما منهم من نجح في حمل جواز سفر اخر يتكئ على كرامة حقوق الإنسان في البلد المذكور فيه !
إنها “الاوطان”
نحمل همها و همّ “الإنسانية” هم إقامة دولة العدل، فهمنا معناها فأتعبنا البحث عن حق الآخر قبل حقنا منها, إنها رسالة الله في الأرض “أمانته”, الأديان نادت لأجلها, فحملها الإنسان وكانت الجبال منها متبرئة والسماوات عنها معتذرة ! فأثقلت ذلك الظهر للشاب الصغير.
هرمنا و نحن شباب شابت قلوبنا و ما زال العود غضا.
الوطن كلمة عميقة المعنى ! تُختصر بكلمتين “الحدود تراب”!
المقصد ألا تنتظر ما يسمى بالوطن حتى يحنو عليك و يمهد لك الطريق لتحقق أحلامك، لتكون على ما تطمح أن تكون عليه، ما إن تسمح لك الفرصة، فر بهدفك يا فتى, فر إلى حيث تستطيع أن تفيد و تستفيد. هي حياة واحدة على هذه الأرض و لن تتكرر مرتين، ليس أمامنا متسع من الوقت لنضيعه بانتظار وطن حبيس في مغارة علي بابا و ال٤٠ لصا. على عاتقنا أمانة هي إعمار هذه الأرض، الوطن حيث تسعد و تأمن و تنتج و تنمو و تثمر و تحصد الحسنات، و ما كان أبدا الولاء لشجر و حجر و حبات رمال… إلا أنها وإن كان حفنة من تراب و أنت تفارقه ستشعر بغصة تشقّ حلقك، وتثقل قدميك، كأنّك تجرّ الدنيا…