يتخبّط سعد الحريري حاليًّا “online” مع جوقة مستشاريه لرسم خارطة التحالفات الجديدة، بعد أن دفع ثمن تحالفاته السابقة. البديهي أن الحريري سيتحالف مسيحيًّا مع المردة، بعد أن أكل طعم جبران، وبعد أن “زحّطوله” القوات، وكان ذلك واضحًا في إطلالة سمير جعجع مساء الجمعة في حلقة تلفزيونية، وهجوم جبران باسيل على الحريري في خطابه يوم السبت في ذكرى ١٣ تشرين.
قبل أسبوع، على هامش غداء “مصلحة” أقامه محامو تيار المستقبل في الشمال، أكّد طوني فرنجيّة على “ضرورة تكاتف تيّار المردة مع تيّار المستقبل في انتخابات نقابة المحامين في الشمال لتغليب مصلحة أبناء الشمال على المصالح الضيّقة. وأكّد على ضرورة استمرار هذا التكاتف في الإنتخابات النيابية”…
بغض النظر عن الشعارات المبتذلة والحملات المعلّبة التي تقودها أحزاب السلطة في مختلف الاستحقاقات، نلحظ في الدرجة الأولى تحالفات غير مسبوقة في بعض المناطق الحسّاسة شعبيًّا لضمان البقاء في السلطة واستمرار السيطرة على النقابات…
الغريب أيضًا، هو سعي تيّار المستقبل، الذي لديه مركز النقيب الحالي أصلًا، للتحالف مع “الهنود الحمر” أو أيّ فريق سياسي قد يفيده في الإنتخابات النيابية… وهنا نتحدث عن مناطق نفوذ المستقبل الشعبيّة قبل ١٧ تشرين ٢٠١٩… فعمد الحريري إلى دعم مرشحة تيار المردة على مركز نقيب المحامين في الشمال في الانتخابات المقبلة.
قد تختلف الإشارات في الأسابيع القادمة، لكن الخيارات هذه المرة أمام التيار الأزرق تكاد تكون معدومة.
إذا عدنا إلى استطلاعات الرأي الأخيرة، التي قاربت نتائجها عام ٢٠١٨ نتائج الانتخابات، يتبيّن لنا تراجع حظوظ النائب عن كتلة المستقبل سامي فتفت، خصوصا بعد فشله في إقناع عائلته تبني ترشيحه، والتي تتجه بغالبيتها إلى دعم مرشح عن المجتمع المدني. في المقابل ارتفعت حظوظ الشاب براء هرموش، نجل النائب السابق أسعد هرموش، ومنسق الضنية في تيار المستقبل هيثم الصمد. الأخير بات اسمه شبه محسوم لدى الحريري، بناء على تمنيات عدد كبير من فاعليات ووجهاء المنطقة لدى المستقبل.
المواجهة داخل البيت الواحد هذه تضع الحريري أمام خيارين لا ثالث لهما: إمّا إبعاد فتفت مقابل ترشيح براء هرموش والصمد، وإمّا الإبقاء على فتفت في حال نجح التحالف مع تيار المردة فيصبح النائبين سامي فتفت وجهاد الصمد على لائحة واحدة مدعومة من المستقبل والمردة، ليضمن بذلك الحريري الحفاظ على مقعد الضنية مقابل التخلي عن مقعد المنية لمرشّح حزب الله كمال الخير، الذي يريده الحزب هذه الانتخابات في أي ثمن كان.
أمّا الخسارة التي تنتظر المستقبل في طرابلس، خصوصا بعد عزوف النائب سمير الجسر عن الترشّح، وتقارب وجهات النظر بين ميقاتي وجبران باسيل، اللذان قد يتحالفا في الشمال.
أمّا في دائرة عكّار، فالأمر لا يختلف كثيرا عن دائرة طرابلس – المنية – الضنية، فالنائب وليد البعريني لا يزال يتمتع بحظوظ أوفر أكثر من زملائه في الكتلة، لكن الذي قد يقلب الطاولة في هذه الدائرة، هو عودة البعريني إلى حزب الله، خصوصا بعد الإغراءات التي تلقّاها من الحزب، على الصعيدين المالي والعسكري، والتجاري على خط لبنان – سوريا… وفي هذه الحال يبقى باستطاعة الحريري الحصول على حاصلين فقط، الأوّل للنائب هادي حبيش، والثاني للنائب محمد سليمان. في مقابل حفاظ حزب القوات والتيار الوطني الحر على مقعديهما، وانتازع المجتمع المدني المقعد الأخير، في حال توحدت لوائح الثورة في هذه الدائرة.