خسر القطاع الطبّيّ في لبنان عدداً هائلاً من أطبّائه وممرّضيه بسبب الهجرة التي لا تزال اختياراً لكثيرين. لكلّ أسبابه وظروفه للقيام بهذه الخطوة، واليوم أكثر من أيّ وقت مضى، يتفهّم الكلّ لجوء الطبيب إلى الهجرة أو إلى العمل خارجاً في سبيل العيش، بعد أن أصبح محروماً من الحدّ الأدنى من حقوقه في البلاد.
إنّما ما يعتبر من الصعب تقبّله، أن يؤدّي سعي الطبيب وراء مصلحته إلى استهتاره بمصلحة مرضاه وصحّتهم. فإذا كان الواجب المهنيّ والإنسانيّ يفرض على الطبيب أن يهتمّ بمريضه حتّى اللحظة الأخيرة، ويؤمّن له استمراريّة العلاج والمتابعة الطبّية ولو مع طبيب آخر، في الواقع يتهاون بعض #الأطباء في هذا المجال ويغادرون البلاد من دون أن يولوا أيّ اهتمام لمرضاهم الذين قد يفاجأون أحياناً بمغادرة الطبيب من دون سابق إنذار، فتبدأ عندها رحلة البحث عن طبيب اختصاصيّ جديد لمتابعة حالتهم.
رامي الصايغ ممن واجهوا هذه المشكلة مع طبيبين غادرا من دون سابق إنذار، وقد فوجئ عند الاتّصال لأخذ موعد في #العيادة، بأنّ الطبيبة المعنيّة غادرت إلى الولايات المتّحدة من دون أن تتكبّد عناء التواصل مع مرضاها لتبليغهم، ومن دون تسليمهم الملفّات الخاصّة بهم. “لم أتمكّن حتّى من الحصول على الملفّ، لأنّي لم أجد السكرتيرة حتّى، وقد فوجئت لدى معرفتي بهذا الخبر.
قد تبدو هذه القصّة فرديّة، إنّما ممّا لا شكّ فيه أنّها تتكرّر بشكل يدعو إلى القلق، وهذا ما يدعو فعلياًّ إلى تسليط الضوء عليها ومعالجتها بأسرع وقت ممكن لما لها من تداعيات، لا يمكن الاستهانة بها. يضاف إلى ذلك أنّنا بتنا نواجه صعوبات كثيرة في إيجاد الأطباء من ذوي اختصاصات معيّنة سريعاً، بما أنّ الكثيرين منهم غادروا البلاد، ومن المفترض أن تتحرّك نقابة الأطبّاء وتتخذ إجراءات جديّة في هذا المجال، حتّى يحترم الأطبّاء مرضاهم وهذه الرسالة التي هم مكلّفون بها”.
وفق ما يؤكّده نقيب الأطبّاء الدكتور شرف أبو شرف ثمّة تعميم يقضي بأنّه على الطبيب أن يبلّغ مرضاه مسبقاً، وأن يتواصل معهم وأن يسلّمهم ملفّاتهم قبل رحيله أو على الأقلّ، يمكن أن يترك هذه المهمّة لسكرتيرته. فلا ينكر أبو شرف أنّه ليس سهلاً على الطبيب أن يبلّغ كافة مرضاه دفعة واحدة، إنّما يمكن أن يفعل ذلك تباعاً. مع الإشارة إلى أنّ النسبة الكبرى من الأطباء تلجأ إلى التنسيق بين العمل في الخارج والاستمرار بمعاينة المرضى في لبنان، فيما نسبة قليلة منهم هاجرت وغادرت البلاد بشكل تامّ.
وبالتّالي من المفترض أن يسلّم من يغادر البلاد نهائيّاً مرضاه ملفّاتهم، وهذا ما يتمّ التشديد عليه في النقابة. أمّا إذا كان هناك أطباء يتخلّفون عن القيام بهذا الواجب، وهم قلّة بحسب ما يؤكّد أبو شرف، مشيراً إلى أنّه لم يصله أيّ تبليغ عن حالات مماثلة، من المفترض على المريض أن يبلّغ #نقابة الأطباء التي ستتولّى حكماً متابعة هذا الموضوع والتواصل مع الطبيب المعنيّ، وتخلّف عن القيام بواجبه بتسليم المريض ملفّه الطبّي الذي يُعتبر حقّاً له، أو أنّه لم يحوّله إلى طبيب آخر، كما من المفترض به أن يفعل بحسب توصيات النقابة وبحسب ما يوليه عليه ضميره المهنيّ.
المصدر: النهار