ثريا شاهين
لا تقتصر انعكاسات الغزو الروسي لأوكرانيا على لبنان على الطريقة التي يجب مساعدة اللبنانيين في أوكرانيا للخروج منها، بل إن الأمر يتخطى ذلك على أهميته، ليرتد على لبنان إقتصادياً و سياسياً في مسائل عديدة .
لبنان دان الهجوم الروسي على أوكرانيا و أبلغ موقفه إلى سفراء روسيا و أوكرانيا، و إلى كافة الدول المعنية بالموضوع، لكنه سيكون خاضعاً لإنعكاساته مثله مثل بقية الدول لا سيما إذا ما طال أمد الحرب. أولاً هناك التأثير الإقتصادي على لبنان و الذي سيتظهّر عبر زيادة أسعار العديد من السلع مثل الغاز و النفط و الحبوب خصوصاً الخبز، حيث يستورد لبنان القمح بمعظم حاجياته منه من أوكرانيا. ذلك ان زيادة السعر ستكون عالمية، و سيزداد باضطراد إذا استمرت الحرب و إذا لم تتمكن الدول من توفير بدائل لاستيراد القمح من أوكرانيا. أما المواد التي يمكن توفيرها من روسيا، ستكون خاضعة للعقوبات الغربية و لا يمكن بالتالي الإستيراد من روسيا . و لبنان لم يكن باستطاعته في الأساس تكبد كلفة المواد الحياتية قبل هذه الحرب، فكيف سيكون الوضع بعدها؟ و كيف سيكون وضع اللبنانيين الذي سيزداد سوءاً بالطبع.
أما على الصعيد السياسي، فإن هناك قلقاً خصوصاً و أن روسيا كانت تشكل مع الولايات المتحدة الثنائي الذي يساهم مع الدول الأوروبية و العربية، في توفير غطاء من الإستقرار السياسي للبنان، و الذي بدوره يوفر استقراراً أمنياً إلى حد مقبول، وفقاً لمصادر ديبلوماسية مطلعة. و لا تقول المصادر، أن الحرب على أوكرانيا ستعرض استقرار لبنان للخطر حتماً، لكن سوء العلاقات الغربية-الروسية من شأنه أن يعطل اتخاذ قرارات دولية تتمتع بالإجماع الدولي حيال لبنان.
فضلاً عن ذلك، تفيد المصادر، أن روسيا كانت تؤدي دوراً في تخفيف التوتر الإيراني و توتر حلفاء إيران في لبنان و المنطقة. لكن في حال سوء العلاقة الروسية مع المجتمع الدولي، فإن روسيا ستحجم عن دور إيجابي أمام الطلبات الدولية التقليدية، و ستتجه الأمور الى التصعيد نتيجة لذلك، مع ما يتم توقعه من أن توقيع الإتفاق النووي بين الولايات المتحدة و إيران، سيمكن إيران من تعزيز سلطة حلفائها في المنطقة، نتيجة الإفراج عن أموالها المجمدة و استفادة هؤلاء الحلفاء منهم.
و أي طريق ستسلكها روسيا و إيران في الشرق الأوسط بعد الحرب الروسية على أوكرانيا ستؤثر في الوضع اللبناني، لا سيما و أن روسيا احتلت جورجيا و القرم ثم سيطرت على سوريا من دون أن رادع. في وقت تبتعد واشنطن عن الإنغماس في مشاكل المنطقة و انسحبت من أفغانستان، و تترك العديد من ملفات المنطقة لقدرها. فضلاً عن ذلك ما هو مصير التفاوض حول الإتفاق النووي الإيراني، حيث موسكو هي جزء من المجموعة الدولية التي تفاوض إيران.