تعيش منطقة الشمال رازحة تحت وطأة أزمات تفوق تلك التي يعايشها اللّبنانيون في المناطق الأخرى إثر الحرمان الذي عانت منه لسنوات طويلة وتحديدًا في عكار والضنية.
لكنّ المشهد القاتم هذا خرقته مبادرات جديّة تمكنّت من ترك آثارها الإيجابية والواضحة والسريعة على مختلف المهمشين في تلك المنطقة.
من الباصات التي تؤمّن نقل الطلاب إلى جامعاتهم بعدما صارت التكلفة مرتفعة جدًا وبفعل تمركز أغلب الجامعات في المدن ومن دون تسجيل الداتا لعدم استغلالها لأغراض انتخابية، مرورًا بمبادرة تأمين حليب الأطفال عبر تعبئة طلب على تطبيق الكتروني يسمح لمن يحتاج بالحصول على ما يريد في منزله من دون أن يشعر بالإذلال ووصولًا إلى الكثير من التفاصيل الإنمائية الأخرى التي كان يفترض على الدولة تأمينها وتوفيرها.
أمّا البحث عن الجهة التي تؤمّن هذا الدعم الكبير، فيوصلنا إلى رجل الأعمال اللبناني، الدكتور بلال هرموش الذي اختار أن يخوض مع جمعية “الأكرمين” التي ساندت أهالي المنطقة عبر خدمات طبية وتربوية واجتماعية تجربة إنمائية من نوع آخر. وهو نفسه الذي تكفّل بافتتاح مجمع الرؤى التربوي في طرابلس فبات يضمّ أكثر من 1400 طالب يخوضون تجربة العلم المتطور مع أساتذة كفوئين مع الإشارة إلى أنّ التجربة ذاتها ستنتقل إلى الضنية وعكار قريبًا وأقضية متعددة.
العودة إلى تاريخ هرموش، تُظهر أنّ الرجل من بلدة السفير المحرومة في قضاء الضنية وهو ابن أحد أهم تجار الفاكهة والخضار في الشمال. غادر لبنان قبل إنهاء الثانوية العامّة على الرغم من تفوقه، فاستقر في بليز حيث بدأ نشاطه التجاري مستخدمًا دراجة هوائية قبل أن يؤسس منشأته الخاصة ويدخل عالم البناء. بعدما حصل على الدكتوراه في إدارة الأعمال من جامعة ستانفورد في باليز.
يترأس هرموش مجالس الإدارة في 7 شركات منتشرة في مختلف دول العالم وفي مجال التكنولوجيا والاتصالات والبناء. وقد عاد إلى لبنان في العام 2013 حيث بدأ نشاطه محليًا وسعيه للتخفيف من وطأة الحرمان على أهل منطقته.
ووفقًا لمعلومات “السياسة” فإنّ الرجل ينوي خوض الانتخابات النيابية المقبلة بعد إصرار عائلته ووجهاء المنطقة الذين ملّوا من سعي نواب المنطقة للمحاصصات في كلّ مشروع تنموي. وتشير المعلومات إلى أنّ هرموش يريد خوض هذه الانتخابات لا من باب إلغاء الرأي الآخر في الضنية وإنما تحت شعار “لنا رأي آخر” بعدما صار مرشحو المنطقة معلبين وجاهزين.
ومن هذا المنطلق، يتحضر لمعركة أيار الذي لم يعد بعيدًا حيث يعوّل كثر على أن يبدأ التغيير وإشراك الناس فعلًا في القرارات المصيرية من الضنية وذلك بعد انتفاضة “17 تشرين”. ولذلك يدرس هرموش بدّقة برنامجه الانتخابي الذي سيجمع كلّ وجهات النظر وسيشكل خارطة الطريق التي ستوصل لأهالي المنطقة حقوقهم.
وبالعودة إلى مشاريع رجل الأعمال الضناوي، فوفقًا للمعلومات لن يحصل ذلك ضمن السعي للحصول على مقعد انتخابي، فحتى لو لم يصل إلى مجلس النواب سيستمر بدعم أهالي منطقته.
ويتحضر هرموش بعد أيام قليلة لإطلاق العيادة المتنقلة التي ستجول على مختلف المناطق بعدما تعاقدت مع أشهر الأطباء. وسيتمكن المرضى من حجز مواعيدهم عبر تطبيق هاتفي مقابل مبلغ رمزي. ولن تتوقف الاستثمارات عند هذا الحدّ حيث من المفترض أن يبصر مشروع النقل المشترك النور في أواخر شهر شباط المقبل.
واللافت أيضًا أنّ منطقة الشمال تتحضر ولأول مرّة لإطلاق منصة إعلامية بعد التعتيم الذي رافقها لفترة. وستكون “نبأ” المنصة التي تعنى بهموم أهل المنطقة وتؤمن فرص العمل لخريجي الإعلام في الشمال الذين عادة ما يضطرون لمغادرتها بحثًا عن لقمة العيش. وبحسب معلومات موقعنا فالمنصة لن تغطي أخبار منطقة الشمال فقط بل سينتشر مراسلوها على مختلف الأقضية والمحافظات في لبنان.