ذعر في مصر من “عاصفة الجنيه”… وترقّب لـ”ثمار التّعويم”

by nabaa s

ما إن دقت الساعة معلنة العاشرة صباحاً بتوقيت القاهرة (الثامنة بتوقيت غرينتش) اليوم الأربعاء، حتى توالى سيل من الأخبار الاقتصادية التي أثارت هلع قطاع كبير من المصريين.
كان الخبر الأول مبهماً لكثير من مستمعيه، حين أعلن اثنان من أكبر البنوك الحكومية في مصر، “البنك الأهلي” و”بنك مصر”، فجأةً عن شهادات ادخارية جديدة ذات عائد سنوي غير مسبوق في التاريخ المصرفي المصري عند 25 بالمئة… وإلى جانب الدهشة من المعدل التاريخي، فإن الصدمة كانت ناجمة عن أن كبار المصارف نفت قطعياً الشهر الماضي وجود أي توجهات لإصدار شهادات ذات عوائد أكثر من 17.25 بالمئة سنوياً.

وبينما يتناقش المصريون عبر الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي حول الخبر الأول، بدأ بعضهم ينتبه إلى أن سعر الجنيه الرسمي بالبنوك يهبط سريعاً مقابل العملات الأجنبية، خاصة الدولار، ومن مستوى 24.77 جنيهاً للدولار في الساعات الأولى من اليوم، توالى الهبوط الحاد، حتى استقر حول 26.45 جنيهاً في السادسة مساءً، بعدما سجل رقماً تاريخياً عند مستوى 26.5281 جنيهاً للدولار خلال التعاملات.
وتضاف خسارة 7 بالمئة خلال تعاملات الأربعاء إلى خسائر مجمعة بلغت أكثر من 22 بالمئة خلال عام 2022، كان جلها في شهر تشرين الأول (أكتوبر) مع تخفيض حاد لقيمة العملة وفقاً لاتفاق مع صندوق النقد الدولي بتركها لسعر التداول الحر بالأسواق.

وخلال الشهور الماضية، وبينما كان الدولار عالقاً “رسمياً” عند مستوى “دفتري” حول 24.6 جنيهاً في البنوك، دون إمكانية حقيقية للحصول عليه بما يكفي الأسواق العطشى، كان يجري تداوله في السوق الموازية (السوداء) بأسعار وصلت حتى 39 جنيهاً في بعض الأوقات. لكن في نهاية شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وعقب إعلان موافقة صندوق النقد الدولي على قرض يبلغ 3 مليارات دولار على مدار 46 شهراً، وصرفه لمبلغ بنحو 375 مليون دولار منه كدفعة أولى، تراجعت الأسعار بالسوق الموازية بنسبة كبيرة حتى بلغت حدود تلامس 30 جنيهاً للدولار، خاصة مع إجراءات تصحيحية من البنك المركزي في ما يخص الموافقات الاستيرادية والبضائع العالقة منذ أشهر طويلة بالجمارك المصرية.

ويرجح خبراء أن الجنيه ربما يواصل التراجع مقابل الدولار خلال الأيام المقبلة، بانتظار بلوغ نقطة التعادل مع السوق الموازية؛ وبالتالي “تجفيفها”… لكن الخبراء وضعوا عدداً من الشروط الهامة لحدوث ذلك، على رأسها إتاحة الدولار في البنوك، وتأمين الأسواق حول توافره، وسعي الحكومة بجدية أكبر لتوفير كم أكبر من احتياجات الأسواق الأساسية داخلياً، سواء زراعية أو صناعية، من أجل تقليص الاحتياج العنيف للدولار.

banner

ويرى المراقبون أن قرار تحرير سعر الصرف “سليم” من حيث المبدأ، على أن يستمر بالفعل وفق آليات السوق، وألا يتحول إلى “تعويم مدار” كما حدث في كل مرة يعلن فيها عن تحرير سعر الصرف من قبل، حيث كان يسمح بهبوط كبير للعملة ثم التحكم بها مرة أخرى. أما من حيث الأضرار، فتكمن في زيادة نسب التضخم المرتفعة بالفعل، والتي تجاوزت 18.7 بالمئة، نظراً لاعتمادية الأسواق الحادة على الدولار في أسعار الطاقة، خاصة الوقود المستورد من الخارج، أو الأغذية، أو الآلات، أو مدخلات الإنتاج.

وبينما رأى جانب من المراقبين أن إصدار الشهادات ذات العائد التاريخي 25 بالمئة يمكن أن تشكل مصدر حماية لمدخرات المصريين في وجه التضخم، يؤكد آخرون أن القيمة الادخارية الحقيقية تتناقص بالمقارنة مع فروق الأسعار للدولار ومخازن القيمة مثل الذهب، إضافة إلى أنها لا تتناسب مع معدلات التضخم، لذلك لا ينصحون الأفراد بها، بل بمحاولة الاستثمار في الأسهم، خاصة الصناعية منها.

وفي الوقت ذاته، فإن ارتفاع العوائد والفائدة يعدان “قاتلين” للتنمية والتشغيل، إذ يرفعان من كلفة القروض للشركات، والتي يُعتمد عليها أساساً في أي توسع بالأعمال… ويعدان “اعتبارياً” عبئاً مضافاً على المستهلك النهائي الذي يحمله الجميع، أي زيادة في كلفة الإنتاج.

تحذيرات الخبراء تتزامن مع آلام واسعة النطاق يعيشها القطاع الخاص المصري بالفعل، إذ تنكمش أنشطته انكماشاً متواصلاً منذ 25 شهراً، تحت ضغط التضخم وضعف العملة واستمرار القيود على الواردات.

وأظهر مسح الأربعاء أن نشاط القطاع الخاص غير النفطي في مصر انكمش في (ديسمبر) كانون الأول للشهر الخامس والعشرين على التوالي، تحت ضغط التضخم وضعف العملة واستمرار القيود على الواردات.

وارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز غلوبال لمديري المشتريات في مصر إلى 47.2 نقطة في كانون الأول، من 45.4 في تشرين الثاني. وارتفع المؤشر الفرعي للإنتاج إلى 44.8 من 40.8، كما ارتفع المؤشر الفرعي للطلبيات الجديدة إلى 45.5 من 41.4 نقطة… لكنها تظل جميعاً دون مستوى 50 الفاصل بين النمو والانكماش.
وقالت ستاندرد آند بورز غلوبال: “وفقاً للمشاركين في المسح، يعكس انخفاض النشاط عموماً ظروف ضعف الطلب، حيث دفع ارتفاع الأسعار العملاء إلى مزيد من الخفض في الإنفاق”.

وجاء الانكماش لأسباب، منها ارتفاع تكلفة المواد واستمرار القيود على الواردات.
لكن على الجانب المشرق، ارتفع المؤشر الفرعي لتوقعات الإنتاج المستقبلية إلى 56.9 من 55.7 في تشرين الثاني. وكانت تلك أعلى قراءة منذ حزيران (يونيو) الماضي… لكن من الضروري الإشارة إلى أن التقرير أعد وصدر بالفعل قبل الحوادث العاصفة ليوم الأربعاء.
المصدر:النهار العربي

You may also like

من نحن

بدأت منصّة نبأ اللبنانية نشاطها الإعلامي كأوّل منصّة في الشمال اللبناني في ٢/٢/٢٠٢٢، بعد أن حصلت على علم وخبر رقم ١٤ من المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع.
تضم نبأ نخبة من الإعلاميين العرب وشبكة مراسلات ومراسلين في مختلف المناطق اللبنانية، بالإضافة إلى شبكة برامج متنوعة.
يرأس مجلس إدارة منصّة نبأ اللبنانية
رجل الأعمال اللبناني بلال هرموش
تهدف نبأ إلى نقل الأنباء المحلية والعربية والدولية بدقة ومهنيّة، كما تسعى لنقل الصورة الحقيقة للواقع اللبناني، خصوصا المناطق المهمشة إعلاميا.

2022 @ All Right Reserved , Development and Designed By NIC Group.

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept اقرأ المزيد

Privacy & Cookies Policy