خلال زيارته إلى كييف لتأكيد دعم الولايات المتحدة لها قبل محادثات مقرّرة مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في جنيف غداً الجمعة، حضّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس على اختيار “مسار سلمي” في أوكرانيا، لكنّه كشف أنه لن يُقدّم ردّاً مكتوباً على المطالب الروسية.
ومع حشد عشرات الآلاف من القوات الروسية على الحدود الأوكرانية، قال بلينكن للصحافيين بعد لقائه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ووزير الخارجية دميترو كوليبا: “آمل بشدّة في أن نتمكّن من إبقاء (الوضع) على مسار ديبلوماسي وسلمي، لكن في النهاية، سيعود القرار في ذلك إلى الرئيس بوتين”، مضيفاً: “علينا أن نرى أين نقف وما إذا كانت لا تزال هناك فرص لاتباع الديبلوماسية والحوار، والذي كما قلت سابقاً، هو المسار المفضّل إلى حدّ بعيد”.
كما حذّر الوزير الأميركي من أن موسكو لديها القدرة على نقل المزيد من القوات بالقرب من أوكرانيا “ضمن مهلة قصيرة للغاية”، وتسعى إلى “تحدّي بعض المبادئ الأساسية التي يقوم عليها النظام الدولي بأكمله”.
من جهته، شكر الرئيس الأوكراني الولايات المتحدة على دعمها بلاده “في هذه الفترة العصيبة”، وقال لبلينكن: “أودّ أن أشكرك على الدعم والمساعدة العسكرية لأوكرانيا ولزيادة هذه المساعدة”، فيما قال كوليبا إنّ كييف تأمل في أن تؤدّي المحادثات في جنيف إلى أن تنتهج “روسيا سلوكاً أقلّ عدائية وبنَّاء أكثر”، مؤكداً أن أوكرانيا “لا تُخطّط لأي عمليات هجومية” ضدّ الإنفصاليين الموالين لروسيا، من شأنه أن يستدعي ردّاً من موسكو.
ووصل التوتر بين موسكو والغرب إلى أعلى مستوياته منذ الحرب الباردة، وسط مخاوف فعلية من اندلاع صراع واسع النطاق في شرق أوروبا، لكن وصول بلينكن إلى أوروبا بالأمس ساهم في زيادة الرهانات الديبلوماسية، فهو يتوجّه بعد كييف إلى برلين اليوم لإجراء محادثات رباعية مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا سعياً إلى وحدة الموقف الغربي، وفي اليوم التالي إلى جنيف للقاء لافروف.
وفي غضون ذلك، أكد مسؤول أميركي رفيع خلال زيارة بلينكن أن الولايات المتحدة وافقت على مبلغ إضافي قدره 200 مليون دولار كمساعدات دفاعية إلى أوكرانيا، يُضاف إلى 450 مليون دولار سلّمتها إدارة الرئيس جو بايدن، فيما كشف نائب وزير الدفاع البريطاني جيمس هيبي أن بلاده سلّمت أوكرانيا عدّة آلاف من الصواريخ الخفيفة المضادة للدبابات.
توازياً، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأوروبّيين أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ إلى التحلّي بـ”الجرأة” لكي يفرض الاتحاد الأوروبي نفسه “قوّة مستقبلية” “تتمتّع بالسيادة”، من أجل عدم الاعتماد على قوى أخرى عالمية، معتبراً أن أوروبا بحاجة إلى تأسيس “نظام جديد للأمن والإستقرار” نُشاركه مع حلفائنا في “حلف شمال الأطلسي”، ويستدعي عملية “إعادة تسلّح إستراتيجية” و”محادثات صريحة” مع روسيا.
وفي موسكو، علّق الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف على اقتراح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لجمع نظيرَيْه الروسي والأوكراني حول طاولة واحدة في أنقرة، وقال إنّ الكرملين “يُرحّب بجهود أي دولة بإمكانها المساعدة في تسوية الوضع في أوكرانيا”، مضيفاً: “إذا كان بوسع شركائنا الأتراك التأثير على الأوكرانيين ودفعهم للوفاء بإلتزاماتهم بموجب إتفاقات مينسك، فلا يُمكن إلّا الترحيب بهذا الأمر”.
ويزور الرئيس التركي أوكرانيا “خلال الأسابيع المقبلة” في مسعى لتجنّب أي عمل عسكري ستكون عواقبه وخيمة، وفق ما أعلن المتحدّث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين مساء الثلثاء.
وعلى الصعيد الداخلي الأوكراني، قرّر القضاء عدم توقيف الرئيس الأوكراني السابق والمعارض بترو بوروشنكو المُتّهم بالخيانة العظمى، لكنّه منعه من مغادرة البلاد، فيما كانت النيابة العامة قد طالبت الثلثاء بسجنه أو دفع كفالة قدرها 30 مليون يورو في مقابل إبقائه حرّاً.