عاش قطاع النقل في لبنان حالة من الفوضى العارمة طيلة السنوات الماضية بسبب غياب الخطط الحكومية التنظيمية, ومع كل أزمة سياسية واقتصادية يدفع الثمن باهظاً ويرزح تحت وطأة أعباء اقتصادية كبيرة تنعكس سلباً على السائقين العموميين والمواطنين على حدّ سواء.
أن قطاع النقل العام بأنواعه كافة يمثّل ما نسبته 80 في المئة في كل دول العالم، فيما يمثّل النقل الخاص نسبة 20 في المئة على عكس الوضع في لبنان حيث بات النقل الخاص يمثّل أكثر من 95 في المئة من إجمالي حركة النقل, ويعتبرهذا القطاع كنزاً ثميناً للخزينة اللبنانية لناحية ما يدرّه عليها من أموال طائلة من خلال المحروقات.
وفي منتصف عام 2021 شهد لبنان “ازمة محروقات” فاضطرّ سكان لبنان الوقوف بسياراتهم لساعاتٍ طويلة قرب محطّات المحروقات ليتمكنوا من تعبئة جزء من خزّاناتهم فقط. في إطار هذا المشهد ارتفعت أسعار البنزين حيث اصبح سعرالبنزين اليوم 98 اوكتان يوازي 430,000 ليرة لبنانية و 95 أوكتان 420,000 ليرة لبنانية اي اكثر من نصف الحد الأدنى الشهري للأجور.
ومع فقدان قيمة الليرة اللبنانية الكثير من قيمتها وارتفاع كلفة صيانة السيارات وكذلك تكلفة النقل العام، يبحث اللبنانيون عن وسائل بديلة تقلهم إلى أعمالهم وتقضي حاجاتهم اليومية من دون الاضطرار إلى دفع تكاليف باهظة تقضم رواتبهم التي أصبحت لا تكفي متطلباتهم الحياتية.علما ان معظم المواطنين الذين يعملون في العاصمة يسكنون خارجها، ويعتمد أكثر من نصف اللبنانيين على سياراتهم الخاصة في التنقل ويحوي البيت الواحد على سيارة لكل فرد خصوصاً العائلات التي تسكن خارج العاصمة، ومع اشتداد أزمة المحروقات اتسعت المسافات بين هؤلاء الأفراد وأماكن عملهم كما ارتفعت الكلفة إلى حد كبير، وهناك مخاطرة كبيرة بعدم الذهاب إلى العمل بسبب الأزمة.
التحدّيات اصبحت كبيرة، والأزمات كبيرة، ومسلسل الفشل يتتابع, بغياب شبكة نقل عام مناسِبة ومنظَّمة، فبات على المواطن إيجاد بدائل نقل ليتمكّنوا أقلّه من الوصول إلى وظائفهم بأقلّ تكلفة,بدءا من الدراجة الهوائيّة التقليديّة مرورا بالدراجة ذات الإطارات الثلاثة والمغلَقة التي تعمل بالكهرباء وصولا الى الدراجات النارية لأنّها توفّر مصروف البنزين، ومن السّهل على صاحبها أن يملأ خزانها بالبنزين على المحطات. ومن الناحية الاقتصادية, هذا الخيار بات اقتصادياً، فليس على الواطن في هذه الحال المواطن ان يدفع راتبه ثمناً للبنزين ليصل إلى عمله.
قد لا تغني جميع وسائل النقل البديلة المواطن عن اقتناء سيارة لاسيما في فصل الشتاء، وعلى طرق غير مؤهلة لناحية البنى التحتية، ولكنّ عيش اللبناني والمقيم كل يوم بيومه، يفسّر سلوك البحث الدائم عن أهون الشرور.