اكتسبت الزيارة الأخيرة التي قام بها وفد صندوق النقد الدولي إلى لبنان أهمية خاصة كونها الأولى بعد تولي النائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسم منصوري بالإنابة حاكمية “المركزي”، خاصة أنّها تزامنت أيضًا مع اقتراب موعد إطلاق منصة “بلومبرغ” البديلة عن منصة “صيرفة”.
وعن أهمية هذه الزيارة، يؤكّد خبير المخاطر المصرفية والباحث في الاقتصاد محمد فحيلي في حديث لـ”ليبانون ديبايت”، أنّه “على يقين أنّ الدور الذي يلعبه صندوق النقد الدولي في لبنان لن يتغيّر أو يتبدّل وهو لن يتخلى عن لبنان حتى لو تخلّت عنه الطبقة السياسية الحاكمة، إن كان لناحية الإتفاق المبدئي الذي تم التوصل إليه في 7 نيسان من العام 2022.
وكان حينها صندوق النقد الدولي لديه شروط مسبقة على الطبقة السياسية أن تنفّذها قبل الدخول في أي برنامج إنقاذي الذي نص على التمويل بقيمة 3 مليارات، إضافة إلى إمكانية فتح الأبواب أمام الدول المانحة لمساعدة لبنان بقروض أو بهبات وأيضًا التقرير الذي صدر في العام 2023 حين أنهى صندوق النقد الدولي مشاورات المادة الرابعة وهو ضمن التقارير الدولية التي يقوم بها للإضاءة على ما هو مطلوب لمساعدة لبنان وإنقاذه من نكبته الاقتصادية”.
ويُشير إلى أنّ “الزيارة الأخيرة لوفد صندوق الدولي إلى لبنان كانت ليس إلّا للوقوف عند آخر إنجازات الطبقة السياسية وهي مشروع الموازنة العامة لعامي 2023 و2024 إضافة إلى غياب أو فقدان الإرادة بإقرار الإصلاحات وتطبيقها، وتقريره الحالي لا يختلف عن تقريره الذي قدّمه تحت مشاورات المادة الرابعة، ولكن تمت قراءته بطريقة تفيد بأنّ صندوق النقد الدولي تخلى عن لبنان وهي قراءة خاطئة ولا تمت للحقيقة بصلة”.
ووفقًا لما يرى فحيلي، فإنّ “صندوق النقد سيستمر في الإضاءة على ما يجب أن تقوم به السلطة السياسية اللبنانية، إضافة إلى أنّه سيتعاون مع إدارة حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري وفريق عمله والمجلس المركزي، وهو مستعد أن يقدّم أي مساعدة تقنية ممكن أن تتطلب منه إن كان من وزارة المالية أو من مصرف لبنان، ويعتقد أنّ هذه الأمور طبيعة جدًا بالنسبة للدور الذي يقوم به صندوق النقد الدولي”.
ويشدّد على أنّ “القراءة التي يتم التداول فيها هي قراءة خاطئة لأننا نعلم في العام 2021 صندوق النقد الدولي عزّز دوره في لبنان وأصبح لديه ممثل له ومكاتب مجهزة وفريق عمل متكامل، إضافة إلى الزيارات المكوكية الذي يقوم بها من واشنطن إلى لبنان، لذلك هذا هو الحجم الزيارة الأخيرة لوفد صندوق النقد الدولي”.
لكنه يلفت إلى أنّنا “لن نتوقّع الكثير من المتغيرات لهذه الزيارة لأنّ هناك إستنفار من قبل الطبقة السياسية بإنتظار إنتخاب رئيس للجمهورية ولكن لسوء الحظ هذا الإنتظار مرهون على التوازن بين دول اللجنة الخماسية المهتمة بالملف اللبناني وليس معطوفًا على دور الـ128 نائبًا الموجودين في المجلس النيابي والذي هو الممر الإلزامي لإنتخاب رئيس للجمهورية وتكوين سلطة تنفيذية لتشكيل حكومة ومن ثم تعيين حاكم أصيل لمصرف لبنان، وعليه لا يتوقّع فحيلي أي إنعطافة إستراتيجية في السياسة النقدية قبل تعيين حاكم أصيل للمركزي”.
