كيف نحافظ على “الطائف” والفراغ يملأ الساحة السنية؟

by nabaa s


كتب مصطفى العويك لموقع نبأ:
كثر الحديث في الأسابيع الماضية عن “اتفاق الطائف”، بين سفارة داعية لحوار حول امكانية البحث في عقد اجتماعي لبناني جديد، يستوجب مباشرة اجراء تعديلات جوهرية على الطائف، لتعيد بعضا من التوازن الدستوري بين الطوائف على حد زعم هؤلاء، وبين سفير يقيم احتفالية هدفها تعزيز الاتفاق وعدم السماح بالتطرق الى اي تعديلات يمكن ان تطاله في الشكل او في الجوهر.
وبين هذا وذاك، تصاريح من قوى واحزاب سياسية تقليدية وناشئة اما مشيدة بالطائف داعية الى تطبيق كامل بندوه، او متوافقة مع الخيار الاول وان على خجل.
وفي وسط كل هذه المعمة، نعيش شغورا رئاسيا يتكرر كل ست سنوات، في اشارة الى عجزنا عن تجديد الحياة الدستورية وديمومة الانتظام فيها، وهي اشكالية بدأت تتبلور أكثر فأكثر منذ ان أصبح التيار الوطني الحر فاعلا اساسيا في الحياة السياسية اللبنانية، يخوض المعارك الطائفية تحت شعار استعادة حقوق المسيحيين واعادة التوازن الى البلد، مستندا على دعم سلاح حزب الله الذي هو في الاساس المسبب الرئيسي لاختلال ميزان القوى الداخلي.
والتيار يعتبر ان اجراء تعديلات على الطائف هو المدخل لاستعادة حقوق المسيحيين، كما يعتبر الحزب ان ذلك سيصب في صالحه لأن النظر في اي تعديل في الاتفاق سيكون من نصيبه على اعتبار انه الحزب الأقوى والقادر على فرض الشروط.
ويغيب عن كل هذا النقاش، المعني الأول أي اهل السنة والجماعة، الذين ثبّتوا بنص الاتفاق دورهم وصلاحيات رئيس الحكومة، يغيبوا كأشخاص مؤثرة وقوى سياسية ومجتمعية فاعلة، وأحزاب تكاد تنعدم الوجود، ويحضرون عبر سفير المملكة العربية السعودية الذي يوحى وكأنه الناطق باسمهم والممسك بخريطة طريقهم المستقبلية، وهو ايحاء في غير محله، لأنه لا يمكنه ذلك بالمباشر وانما عبر وكيل محلي لم يتمكن حتى اللحظة من ايجاده، على الرغم من سعيه الحثيث خلف ذلك.
لائحة تقديم اوراق الاعتماد بالعشرات من قبل متقدمي الساحة السنية على طاولة السفير، لكن هؤلاء جميعا لم يتمكنوا من الحصول على العلامة الكاملة كل منهم لاعتبار، والسفير لا يمكنه ايضا ان يختار دون معايير معينة ويملي علينا.
صحيح ان المملكة بما تمثل تشكل مرجعية كبرى لكثر من اهل السنة، ولكن الصحيح ايضا ان سياستها تجاه لبنان بحاجة الى كثير من الحوار والنقاش والمراجعات، ولعل مدخلها ما ذكره سفيرها الأسبق في لبنان، الشاعر والأديب عبد العزيز خوجة في كتابه: “التجربة، تفاعلات الثقافة والسياسة والاعلام”، حين ذكر أن تقدم محور المقاومة في لبنان لم يكن ليحدث لو ان محور الاعتدال العربي كان قد سبقه.
وهذا الكلام ايضا يحتاج لنقاش حول دور وفاعلية وكلاء المملكة آنذاك واخطاءهم السياسية القاتلة.
في المحصلة، بفعل هذه السياسة وبفعل أخطاء الوكلاء بات اليوم السنة أكثر خروجا من الدولة وبعدا عن تقرير مصيرها، والطائف الذي فرحوا فيه حتى الثمالة يعاد الى الطاولة، لأنه عند تغير التوازنات يعود الفريق الأقوى لتعديل الاتفاقيات بما يتماهى والوضعية الجديدة التي اكتسبها.
أولى الطرق للمحافظة على الطائف هو حوار سني – سني، يحدد الماهية السياسية للطائفة ودورها في ظل تشتت قواها المشتغلة في السياسة، وفي ظل المتغيرات التي طرأت على ساحتها في السنوات الماضية، وبناء علاقة متينة مع المملكة العربية السعودية، واضحة المعالم والمآلات، علاقة مدماكها الأساس المصلحة الوطنية اللبنانية، ومن ثم حوار فعلي وجاد مع الأطراف اللبنانية الأخرى حول القضايا الخلافية التي تعيق عند كل استحقاق العملية الدستورية.
وما دون ذلك، لن تنفع زيارات، ولا حلقات جسور تواصل، هي أقرب الى جلسة مقهى يتباهى كل مشارك فيها ببطولاته امام مضيفه.
الفراغ قاتل، والوقت كالسيف ان لم نتداركه قطعنا.

You may also like

من نحن

بدأت منصّة نبأ اللبنانية نشاطها الإعلامي كأوّل منصّة في الشمال اللبناني في ٢/٢/٢٠٢٢، بعد أن حصلت على علم وخبر رقم ١٤ من المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع.
تضم نبأ نخبة من الإعلاميين العرب وشبكة مراسلات ومراسلين في مختلف المناطق اللبنانية، بالإضافة إلى شبكة برامج متنوعة.
يرأس مجلس إدارة منصّة نبأ اللبنانية
رجل الأعمال اللبناني بلال هرموش
تهدف نبأ إلى نقل الأنباء المحلية والعربية والدولية بدقة ومهنيّة، كما تسعى لنقل الصورة الحقيقة للواقع اللبناني، خصوصا المناطق المهمشة إعلاميا.

2022 @ All Right Reserved , Development and Designed By NIC Group.

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept اقرأ المزيد

Privacy & Cookies Policy