مقال رأي – أحمد الموّاس
في خطوة اعتبرها الكثيرون مفاجئة أعلن رئيس مجلس النوّاب نبيه بري سحب مبادرته الداعية لحوار بين الأفرقاء السياسيين قبل انعقاد جلسات متتالية لانتخاب رئيس للجمهوريّة، وجاء سحب بري لهذه الدعوة بعد أن قوبلت بالرفض من قبل شريحة من النوّاب “المعارضين” التي اعتبرها البعض منهم “بدعة” لا تمت للدستور ولا لأصول انتخاب الرئيس بصلة، وتخّوُف البعض من تكريس الحوار كعرف يكون قبل كل استحقاق رئاسي فيما طالب البعض الآخر بجعله عرفًا حتّى عند انتخاب رئيس مجلس النوّاب واختيار رئيس الحكومة وأن لا يقتصر فقط على رئاسة الجمهوريّة.
كان حزب القوّات اللبنانية من أبرز الرافضين لهذا الحوار، حيث أصدر رئيسه سمير جعجع بيانًا فور إعلان بري سحب مبادرته طلب فيه جعجع من رئيس المجلس دعوة النوّاب لجلسة انتخاب رئيس وتحويلها إلى جلسات متتاليّة إلى حين التوصل إلى رئيس جديد للبلاد.
جاء هذا الرد في الوقت الذي قال فيه بري أنّه “أدّى قسطه إلى العلا” مطالبًا “المعارضة” بإعطائه حلًّا فكان بيان جعجع متضمّنًا للحل الذي سبق ورُفض وذلك ل”صعوبة تنفيذه” على حد تعبير برّي وفريقه.
في خضم التخبّط الداخلي الحاصل لم تتوقّف المساعي الخارجية لمحاولة إيجاد مخرج لأزمة انتخاب الرئيس الاوّل، ولعلّ أبرزها مساعي اللجنة الخماسية المعنيّة بهذا الملف، وتجلّت أخيرًا في زيارة الموفد القطري إلى لبنان والتي جرت بعيدًا عن الإعلام.
وقالت مصادر مطّلعة على تلك الزيارة أنه كان بجعبة القطري أربعة أسماء يمكن وصفها بال “الجديدة – القديمة” وهي قائد الجيش العماد جوزيف عون، مدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، الوزير السابق زياد بارود والنائب نعمة افرام، لكن بعد الزيارة “الاستطلاعيّة” للموفد القطري خرج الموفد الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان في تصريحات حذّر فيها السياسيين اللبنانيين وعبّر عن استياء اللجنة الخماسيّة من تعامل الساسة اللبنانيين مع الأوضاع الحساسة التي تمر بها البلاد خاصّة على صعيد الملف الرئاسي، وقال لودريان أن المهمة التي أوكلت إليه هي مهمة وساطة تهدف إلى إيجاد الحل لكن إذا كان السياسيون في لبنان لا يريدون إيجاد حل، فلا يستطيع أن يفرضه عليهم، كما دعا لودريان المعنيين خلال مقابلة مع صحيفة “l’orient le jour” لإيجاد مخرج ثالث بعيد عن ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية والوزير السابق جهاد أزعور، وأمل أن يدرك المعنيون ضرورة إيجاد مخرج، وإلا فإنهم سوف يُنبذون من قبل المجتمع الدولي ولن يرغب أحد في رؤيتهم بعد الآن، ولن يكون من الضروري طلب الدعم هنا أو هناك.
إذًا، الزيارات حتى الآن دون جدوى في ظل تشبّث كل طرف بموقفه وتمسّكه بمرشح “التحدي” الخاص به والبلد يتخبّط في أزماته الاقتصاديّة والسياسيّة، فهل تكون رسالة لودريان الأخيرة بمثابة إشارة إلى عقوبات غربيّة ستفرضها اللجنة الخماسيّة على المعطّلين السياسيين في لبنان؟ أم هل سيرضخ المسؤولون ويتفقون على خيار ثالث قبل نهاية العام؟