هادي مجدلاني/نبأ
سلامة يتحرّك في العتمة وتحت الأضواء، الأمر سيان حين تكون ملاحقًا عبر الانتربول ومكشوفٌ تورّطك في أزمةٍ كنتَ عشيّتها تنكر مؤشراتها، فيما تحظى بغطاء سلطة سياسية متورّطة معك ومستفيدة لعقود.
في الأضواء، مصرف لبنان قام بتعليق عمليات شراء الدولار من السوق مقابل الليرة “حتى إشعار آخر”، منذ يوم الجمعة الماضي. تم اتخاذ هذا القرار بعد أن تم تداول عرض سلامة على أعضاء المجلس المركزي للمصرف عدم اللجوء إلى تعديلات كبيرة في منصة “صيرفة”، زعموا عن نيّتهم تنفيذها.
نواب الحاكم كانوا جزءًا من المجلس المركزي في مصرف لبنان، و شركاء مع سلامة في جميع القرارات والتعاميم، يقفزون اليوم من مركب المنصة ويشترطون على مجلس نيابي تشكل كتلة واسعة منه علاقات وثيقة مع المصرفيين.
في الأضواء أيضًا، يحرص سلامة على التحذير من التخلي عن منصة “صيرفة” بإعتباره أن المصرف المركزي عمل جاهدًا على إنجاح عملها وأن أي تعديلات من الممكن أن تهدّد “استقرار السوق” الحالي.
والرسالة هنا يسهل قراءتها حين تخرج من قواعد لعب الحاكم: أي تأسيس لمنصة جديدة أو محاولة بالعبث او التنكّر من ما بناه سلامة معناه تسارع إنهيار العملة في السوق.
لكن أرباح “صيرفة” تأتي بأثمان: استنزاف احتياطي مصرف لبنان، تخفيض قيمة الليرة اللبنانية، ودفع الناس نحو الفقر بدل تحويل أموال الدعم للتأمين الصحي أو الاستثمار في قطاعات تضمن أفقًا ما لنهضة إقتصادية. وصيرفة هي بأساسها غير مبنية لتدوم أو لتحقيق أي أثر اقتصادي إيجابي بل لضمان استقرار فترة ولاية الحاكم عبر استنزاف الدولارات في عمليات المضاربة.
أمّا في العتمة، فمن الساخر كان يوم أمس الثلاثاء، تأجيل جلسة استجواب كل من رجا سلامة ومساعدة سلامة ماريان الحويك لدى قاضي التحقيق الأول شربل أبو سمرا بعد “عطل مفاجئ” أصاب المولدات الكهربائية مما تسبّب بسواد الظلمة والحرّ على غرفة الاستجواب.
وفي العتمة أيضًا، تداولت مصادِر معلومات عن توزيع سلامة على مقربيه في المصرف والموظفين الذين أظهروا “وفائهم” مكافآت مالية عشيّة تركته المقررة خاصة
حسب بيان المرصد الأوروبي للنزاهة في لبنان الصادر في ٢٤ تموز، رياض سلامة “مايسترو المسرحية”، قام ببناء مُنتَج احتيالي بقيمة 73 مليار دولار، استفاد منه المستثمرون الأجانب ومساهمو البنوك والسلطة السياسية وحلفاء السلاح. و سلامة ليس مجرد وسيط في هذه العملية، بل المستشار الأعلى لمافيا “حزب المصارف” التي تسيطر على الدولة. حتى حزب الله تسلّم حصته.
ضحايا هذه اللعبة فئات شعبية تدفع ثمن قواعدها، و 2.7 مليون مودع في المصارف الخاصة ضحّوا بثقتهم أو أصابهم الطمع، الطمع نفسه الذي استغله سلامة لجعل عدد كبير من اللبنانيين شريكًا في مضارباته المالية عبر منصة “صيرفة” المبتدعة.
إذًا، المزيد من الأرباح للأفراد والمزيد من الخسائر على الدولة، حيث حوّل سلامة الخسائر إلى أصول جديدة في الميزانية العامة لمصرف لبنان بشحطة قلم.
ما يحصل اليوم ليس تخريبا لما بناه “الحاكم”، بل استمرار في التخريب واستشراس فيه وهو يدافع عن موقعه ومصالحه في بنية النظام، النظام الذي سهر، في غرف مصرفه المركزي والكازينو وجناح الشخصيات المهمة في طيران الشرق الأوسط ، يهندسه ويساعد على بنائه.