كتبت فاطمة الصيادي:
” أعلن تعليق عملي السياسي انا وجميع افراد عائلتي وأدعو تيار المستقبل إلى اعتماد نفس الخطوة وعدم الترشح للانتخابات النيابية ربما كان القرار الوحيد الصحيح لزعيم تيار المستقبل رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري، منذ قرار استقالته عن رئاسة الحكومة إثر تحركات شعبية احتجاجية ضخمة طالبت باستقالة الطبقة السياسية جميعها.
موجة جدل واسع حول قرار الحريري الاخير بعزوفه وتعليقه للعمل السياسي بعد أن قدم مثالا للانبطاح كما وصفه البعض وضيع الامانة التي اوكلت اليه واكل على موائد التنازلات والمساومات على حساب طائفته التي دعمته وأيدته وأضاف الحريري موضحا ان قراره جاء نتيجة هيمنة ايران و ميليشياتها في السلطة والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة، فيما شهد الشارع اللبناني من تفلت امني ومواجهات مع الجيش على خلفية اعتزال الحريري، حيث أقدم عدد من المحتجين المناصرين لتيار المستقبل على قطع عدد من طرقات مدينة بيروت ومنها: كورنيش المزرعة، قصقص، الكولا.وفي وقتٍ لاحق، أفادت غرفة التحكم المروري بقطع طريق فردان.
خرج الحريري عن صمته، بمؤتمر صحفي في 24 يناير/كانون الثاني 2022 قال فيه: “نجحت في منع الحرب الأهلية، ولم يكتب لي النجاح الكافي في تأمين حياة أفضل للبنانيين”.وأضاف: “لا شك أن منع الحرب الأهلية فرض عليّ تسويات، من احتواء تداعيات 7 مايو/أيار ( اجتياح حزب الله لبيروت)، إلى اتفاق الدوحة (الذي تم بعد الاجتياح وقبل فيه بالثلث المعطل للحكومة)، إلى زيارة دمشق (لقائه مع الرئيس بشار الأسد)، إلى انتخاب ميشال عون إلى قانون الانتخابات، وغيرها”.وتابع: “هذا كان سبب كل خطوة اتخذتها، كما كان سبب خسارتي لثروتي الشخصية وبعض صداقاتي الخارجية والكثير من تحالفاتي الوطنية وبعض الرفاق وحتى الاخوة”. وأردف: “هذه التسويات، التي أتت على حسابي، قد تكون السبب في عدم اكتمال النجاح للوصول لحياة أفضل للبنانيين. والتاريخ سيحكم.. لكن الأساس، أن الهدف كان وسيبقى دائما تخطي العقبات للوصول إلى لبنان منيع في وجه الحرب الأهلية، ويوفر حياة افضل لكل اللبنانيين”.وتابع: “قد أكون قادرًا على تحمل كل هذا، لكن ما لا يمكنني تحمله هو أن يكون عدد من اللبنانيين الذين لا أرى من موجب لبقائي في السياسة سوى لخدمتهم، باتوا يعتبرونني أحد أركان السلطة التي تسببت بالكارثة والمانعة لأي تمثيل سياسي جديد من شأنه أن ينتج حلولا لبلدنا وشعبنا”.وقال: “من باب تحمل المسؤولية، كنت الوحيد الذي استجاب لثورة 17 تشرين (أكتوبر) 2019 فقدمت استقالة حكومتي. وكنت الوحيد الذي حاول بعد كارثة 4 آب (أغسطس) في بيروت تغيير طريقة العمل عبر حكومة من الاختصاصيين. واللبنانيون يعرفون في الحالتين ما كانت النتيجة، وهم يتكبدون من لحمهم الحي كلفة الإنكار”.وتوجه الحريري إلى جمهور تيار “المستقبل” بالقول: ” نحن باقون بخدمة أهلنا وشعبنا ووطننا، لكن قرارنا هو تعليق أي دور أو مسؤولية مباشرة في السلطة والنيابة والسياسة بمعناها التقليدي، وسنبقى من موقعنا كمواطنين متمسكين بمشروع رفيق الحريري لمنع الحرب الأهلية والعمل من أجل حياة افضل لجميع اللبنانيين”.وأكد: “نحن باقون بخدمة لبنان واللبنانيين، وبيوتنا ستبقى مفتوحة للإرادات الطيبة ولأهلنا وأحبتنا من كل لبنان. لا أنسى فضلكم، ومحبتكم وتعاونكم في أصعب الأوقات”.لم تشفع دموع زعيم التيار الازرق التي سالت ختام الكلمة التي ألقاها أمام لفيف من مقربيّه في بيت الوسط، امام محكمة الشارع اللبناني و القاضي فيها الشعب الذي سئم التسويات والوعود الرنانة فيما رأى البعض أن تعليق الحريري لنشاطه السياسي في لبنان وضع الطائفة السنية على مفترق طرق لكون قراره هذا لا يقتصر على البيت الحريري تحديدًا إنما على واقع الطائفة و ما ستفرزه صناديق الاقتراع في مايو المقبل في ضوء غياب الزعامة السنية التي فرضت نفسها لاعبا أساسيا طوال عقدين من الزمن.