منذ تموز ال 2019 بدأت تلوح في أفق بلد الأرز أزمة إقتصادية ومالية، تمثلت بارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، مسجلة الليرة اللبنانية في تلك الفترة بداية انهيارها.
لم تكن الليرة وحدها ما ينهار، بل بلد بشعبه وسياحته وطبابته وتعليمه…
لبنان بلد منهار باعتراف حكامه الذين يرمون التهم على بعضهم بغية شد عصب “الطائفة”، تلك الطائفة التي مهما كان اسمها، ترزح تحت نفس الأزمة وتدفع الثمن نفسه، ثمن الإهمال والتقصير من سلطة لم تشبعها ثلاثين عاماً متواصلة من الفساد والإهمال والنهب وترسيخ نهج المحاصصة والتقاسم.
كل ذلك كان على مرأى ومسمع الشعب، من وثائق رسمية وتقارير إعلامية وتصريحات رسمية من مسؤولين كبار، عن المحاصصة والصفقات وثمن التسويات التي أجريت.
كل ذلك على مرأى الشعب و”على ظهره” كما اعتاد الشعب اللبناني التعبير، وترى نفس الشعب الذي رأى وسمع وفقه المسألة، يعاود كرَّة الدفاع عن زعيمه وحزبه، على مبدأ “كلن يعني كلن إلا زعيمي”.
هو الشعب نفسه الذي انتفض بمئات الآلاف وربما مليون، في السابع عشر من تشرين 2019، حين ظن العالم أن الشعب أراد الحياة وأن القدر استجاب، هو الشعب نفسه الذي أبهر العالم بأرقى التظاهرات وأكثر أساليب التعبير عن الرأي عصرية وتقدماً، وأظهر للعالم كم هو شعب مبدع طموح مؤمن بالحياة.
ماذا جرى؟
وبسحر ساحر، عاد كل جمهور إلى زعيمه، وعادوا إلى ميادين الدفاع عن الأحزاب والسلطة، وعادوا يوجهون الاتهامات، كل مناصر حزب إلى الحزب الآخر المخالف لرأيه.
فما الذي جرى؟ كيف نجحت السلطة في إعادة إحياء انتماء شعبها إليها، رغم عارها وتجويعها لشعبها، وإذلاله وعزله عن أشقاءه العرب!
كل هذه الممارسات لم تثني جزءًا كبيرًا من اللبنانيين عن مناصرة الفساد المفضوح، ولعل أبرز مثال على ذلك، تلك التظاهرات أمام بيت الوسط، للمطالبة بعودة الرئيس سعد الحريري عن موقفه بالعزوف عن الترشح للانتخابات النيابية المقبلة.
عجباً لأمر شعب يعلم أن كل المناكفات الحاصلة بين الأحزاب، ما هي إلا محاولات لشد العصب وتمرير الصفقات، فأخصام اليوم أصدقاء الأمس وأصدقاء المستقبل. هؤلاء هم رؤوس الأحزاب اللبنانية، رؤوس التسويات والمحاصصة، رؤوس شد العصب باسم الطائفة لمصلحة الكرسي والجيب.
إن أكمل المناصرين نهجهم التبعي، بعقلية المناصرة العمياء، فسيموتون ليحيى الزعيم وليموت لبنان.
النداء الأخير، الانتخابات على الأبواب والتغيير واجب وليس خياراً، صوتك أمانة عليك في الدنيا والآخرة، ونحن أمام الفرصة الأخيرة لإنقاذ ما تبقى من وطن، لإبقاء من تبقى من شباب في أرض الوطن، للعيش في أمن وأمان، ليتعلم أطفالنا وليضمن الشيوخ مستقبلهم من الذل والعوز.
الفرصة الأخيرة.. واجب استغلالها..
غيِّروا ليعيش لبنان