هند الحولي
تعوّد المواطن الطرابلسيّ على خضة أمنية في رمضان تزعزع سلمه الأهلي، وتقضي على تلك السهرات اللبنانية التى تشرق كل أمسية في مقاهيه. كان لهذه السنة زورق موت عصف بركابه فأرسى ببعضهم على شواطىء مينائه، وبعضهم الآخر ألقى حتفه ولفظ آخر أنفاسه، أما الآخرون فكان لهم حصة من النجاة والاستمرار في العيش بأجساد دون أرواح. و الفاجعة الأكبر على عدّاد المفقودين اللّذين قد تكون جثثهم رست عند جُزر في بلاد الغرب المجهولة السبيل، وتبقى أعين أحبابهم تتوق لرؤيتهم.
هجرةٌ غير شرعية من وطن لم يشرع لأبناءه يوماً حق من حقوقهم، فما كان على شعبه إلا أن يؤمن بالبحر وبغدارته أكثر من إيمانه بسلطة فاسدة تتحايل على أولادها بوعود كاذبة لتحظى بمقعد في صالون النيابة الذي بات مجلس عرض بهلوانات وأفكار فاشلة دون تنفيذ مشاريع انمائية أو حتى الاتفاق على اقرار قانون يصب في مصلحة الوطن لا الحزب.
فعلى من يقع اللوم؟ على مواطن أنهكته سياسات فارغة في وطن تقوده أيادٍ ملوثة بدم مئات الأبرياء، أو على دولة لم تذق يوماً مرارة عيش شعبها؟ ام يقع الذنب الأكبر على ضابط في الجيش اللبناني لم يفسح المجال لهروب العشرات من وطأة موت بطيئ لآخر سريع بين أمواج البحر وسواد الليل.
على أثر هذه الفاجعة التي أحبطت أمل اللبناني بوجود نور في آخر كل نفق، اشتباكات عنيفة قام بها شبان المدينة محملين الجيش اللبناني كافة الذنب وكأنه كبش محرقة لكل فعلٌ إجرامي.
ضياعٌ في البوصلة، فالاتجاهات غير صائبة، وتوجهات اللبناني في المحاسبة هذه المرة لم تكن دقيقة.
147